من الايمان بالله تعالى الاقرار بانواع التوحيد الثلاثة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
من الايمان بالله تعالى الاقرار بانواع التوحيد الثلاثة
ومن الإيمان
باللّه تعالى ؛ الإِيمان بوحدانيَّته وألوهيته وأَسمائه وصفاته ، وذلك
بإِقرار أَنواع التوحيد الثلاثة ، واعتقادها ، والعمل بها ، وهي : 1-
توحيد الربوبية . 2- توحيد الألوهية . 3- توحيد الأَسماء والصفات .
1 - توحيد الربوبية :
معناه الاعتقاد الجازم بأَنَ اللّه وَحْدَهُ رَب كلِّ شيء ومليكه ، لا
شريك له ، وهو الخالق وحده وهو مدبر العالم والمتصرف فيه ، وأَنَه خالق
العباد ورازقهم ومحييهم ومميتهم ، والإِيمان بقضاء اللّه وقدره وبوحدانيته
في ذاته ، وخلاصتهُ هو : توحيد اللّه تعالى بأفعاله .وقد قامت الأدلة
الشرعية على وجوب الإِيمان بربوبيته سبحانه وتعالى ، كما في قوله : {
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ** . وقوله : { أَلَا لَهُ
الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ** . وقوله
: { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ** . وقوله
تعالى : { إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ** .
وهذا النوع من التوحيد لم يخالف فيه كفار قريش ، وأكثر أَصحاب الملل
والدِيانات ؛ فكلُهم يعتقدون أَن خالق العالم هو اللّه وحده ، قال اللّه
تبارك وتعالى عنهم :
{ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ
الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ** . وقال : { قُلْ لِمَنِ
الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ **{ سَيَقُولُونَ
لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ **{ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ
السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ **{ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ
أَفَلَا تَتَّقُونَ **{ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ
يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ **{
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ **{ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ
بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ** . وذلك لأَن قلوبَ العباد مفطورةٌ
على الإِقرار بربوبيته- سبحانه وتعالى- ولذا فلا يُصْبِحُ مُعْتقِدُه
مُوَحِّدا ، حتى يلتزم بالنوع الثاني من أَنواع التوحيد ، وهو :
2 - توحيد الألوهية :
هو إِفراد اللّه تعالى بأَفعال العباد ، ويسمى توحيد العبادة ، ومعناه الاعتقاد الجازم بأن اللّه- سبحانه وتعالى- هو :
الإلهُ الحق ولا إِلهَ غيره ، وكل معبود سواه باطل ، وإفراده تعالى
بالعبادة والخضوع والطاعة المطلقة ، وأَن لا يشرك به أَحد كائنا من كان ،
ولا يُصْرَف شيء من العبادة لغيره ؛ كالصلاة ، والصيام ، والزكاة ، والحج
، والدعاء ، والاستعانة ، والنذر ، والذبح ، والتوكُّل ، والخوف والرجاء ،
والحُبّ ، وغيرها من أَنواع العبادة الظاهرة والباطنة ، وأَن يُعْبَدَ
اللّهُ بالحُبِّ والخوفِ والرجاءِ جميعا ، وعبادتُه ببعضها دون بعض ضلال .
قال الله تعالى : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ** . وقال :
{ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ
فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ
**. وتوحيد الألوهية هو ما دعت إِليه جميع الرُسل ، وإنكاره هو الذي أَورد
الأُم السابقة موارد الهلاك .
وهو أَول الدّين وآخره وباطنه وظاهره ، وهو أَول دعوة الرسل وآخرها
ولأَجله أُرسلت الرسل ، وأُنزلت الكُتب ، وسُلَت سيوف الجهاد ، وفرِقَ بين
المؤمنين والكافرين ، وبين أَهل الجنة وأَهل النَّار .وهو معنى قوله تعالى
: { لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ** قال تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ
قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا
أَنَا فَاعْبُدُونِ ** . ومَن كان ربا خالقا ، رازقا ، مالكا ، متصرفا ،
محييا ، مميتا ، موصوفا بكل صفات الكمال ، ومنزها من كلّ نقص ، بيده كل
شيء ، وَجَبَ أَن يكون إِلها واحدا لا شريك له ، ولا تُصْرَف العبادة إِلا
إليه ، قال تعالى :
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ** . وتوحيد
الربوبية من مقتضيات توحيد الأُلوهية ؛ لأنَّ المشركين لم يَعبدوا إِلها
واحدا ، وإنٌما عَبَدُوا آلهة مُتَعَددَة ، وزعموا أَنَّها تقرِّبهم إِلى
اللّه زلفى ، وهم مع ذلك معترفون بأَنها لا تضر ولا تنفع ، لذلك لم يجعلهم
اللّه مؤمنين رغم اعترافهم بتوحيد الربوبية ؛ بل جعلهم في عداد الكافرين
بإشراكهم غيره في العبادة .
ومن هنا يختلف مُعْتَقَدُ السَّلف- أَهل السُنَّة والجماعة- عن غيرهم في
الألوهية ؛ فلا يعنون كما يعني البعض أَنَ معنى التوحيد أَنَّه لا خالق
إِلا اللّه فحسب ؛ بل إِن توحيد الألوهية عندهم لاَ يتحقق إِلا بوجود
أَصلين :
الأَول : أَن تُصرف جميع أَنواع العبادة له- سبحانه- دون ما سواه ، ولا يُعْطى المخلوق شيئا من حقوق الخالق وخصائصه .
فلا يُعبد إِلا اللّه ، ولا يصلى لغير اللّه ، ولا يُسْجَدُ لغير اللّه ،
ولا يُنْذَرُ لغير اللّه ، ولا يُتَوكَّلُ على غير اللّه ، وإن توحيد
الأُلوهية يقتضي إِفراد اللّه وحده بالعبادة .
والعبادة : إِما قول القلب واللسان وإمَّا عمل القلب والجوارح .
قال تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ **{ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ
وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ** . وقال . سبحانه : { أَلَا لِلَّهِ
الدِّينُ الْخَالِصُ **
الثاني : أَنْ تكون العبادة موافقة لما أَمر اللّه تعالى به ، وأَمر رسوله صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم .
فتوحيد اللّه سبحانه بالعبادة والخضوع والطاعة هو تحقيق شهادة أَن : (لاَ إِلَهَ إِلَّا اللّه) .
ومتابعة رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- والإِذعان لما أَمر به ونهى عنه هو تحقيق أَنَّ : ( مُحَمَدا رَسُولُ الله) .
فمنهج أَهل السنة والجماعة :
أَنَهم يَعْبُدُونَ الله تعالى ولا يشركون به شيئا ، فلا يسأَلون إِلِّا
الله ، ولا يستعينون إِلِّا بالله ، ولا يستغيثون إِلا به سبحانه ، ولا
يتوكلون إِلَّا عليه جلَّ وعلا ، ولا يخافون إِلِّا منه ، ويتقربون إِلى
الله تعالى بطاعته ، وعبادته ، وبصالح الأَعمال ، قال تعالى :
{ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ** .
3 - توحيد الأَسماء والصفات :
معناه الاعتقاد الجازم بأَنَّ الله- عزَّ وجلَّ- له الأَسماء الحسنى
والصفات العُلى ، وهو متَّصف بجميع صفات الكمال ، ومنزَّهٌ عن جميع صفات
النقص ، متفرد بذلك عن جميع الكائنات .
وأَهل السُنّة والجماعة : يَعْرِفُونَ ربهم بصفاته الواردة في القرآن
والسنَة ، ويصفون ربَّهم بما وصف به نفسه ، وبما وصفه به رسولهُ - صلى
الله عليه وعلى آله وسلم- ولا يحرِّفون الكَلِمَ عن مواضعه ، ولا يُلحدون
في أَسمائه وآياته ، ويثبتون لله ما أَثبته لنفسه من غير تمثيل ، ولا
تكييف ، ولا تعطيل ، ولا تحريف ، وقاعد تهم في كلِّ ذلك قول الله تبارك
وتعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ** .
وقوله : { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا
الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ ** .
وأَهل السُنَّة والجماعة :
لا يُحدِّدون كيفية صفات الله- جل وعَلاَ- لأنه تبارك وتعالى لم يخبر عن
الكيفية ، ولأَنه لا أَحد أَعلم من الله سبحانه بنفسه ، قال تعالى : {
قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ** . وقال تعالى : { فَلَا
تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا
تَعْلَمُونَ ** . ولا أَحدَ أَعلم بالله بعد الله من رسوله- صلى الله عليه
وعلى آله وسلم- الذي قال الله تبارك وتعالى في حقه : { وَمَا يَنْطِقُ
عَنِ الْهَوَى **{ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ** .
وأَهل السنة والجماعة :
يؤمنون أَن الله- سبحانه وتعالى- هو الأَول ليس قبله شيء ، والآخِرُ الذي
ليس بعده شيء ، والظاهرُ الذي ليس فوقه شيء ، والباطنُ الذي ليس دونه شيء
، كما قال سبحانه :
{ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ **
وكما أَنَّ ذاته- سبحانه وتعالى- لا تشبه الذوات ، فكذلك صفاتهُ لا تشبهُ
الصفات ، لأنَّه سبحانه لا سميَّ له ، ولا كفءَ له ولا نِدَّ له ، ولا
يُقاس بخلقه ؛ فيثبتون لله ما أَثبته لنفسه إثباتا بلا تمثيل وتنزيها بلا
تعطيل ؛ فحين يثبتون لله ما أثبته لنفسه لا يمثلون ، وإذا نزَهوه لا
يُعَطّلون الصفات التي وصف نفسه بها .
وأَنَّه- تعالى- محيطٌ بكلِّ شيء ، وخالق كل شيء ، ورازق كل حي ، قال الله تبارك وتعالى :
{ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ** . وقال : {
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ** . ويؤمنون
بأَن الله تعالى استوى . على العرش فوق سبع سماوات ، بائن من خلقه ، أَحاط
بكل شيء علما ، كما أَخبر عن نفسه في كتابه العزيز في سبع آيات كريمات بلا
تكييف . قال تعالى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ** . " .
وقال : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ** . وقال : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ
فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ **{
أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا
فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ** . وقال : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ
الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ** . وقال
النَبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « أَلاَ تَأمنُوني وأَنا أَمينُ
مَنْ في السَّماءِ؟ »
وأَهل السنة والجماعة : يؤمنون بأَن الكرسي والعرش حق . قال تعالى : {
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ
حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ** والعرش لا يقدر قدره إِلا
الله ، والكرسي في العرش كحلقة ملقاة في فلاة وسع السموات والأَرض ، والله
مستغن عن العرش والكرسي ، ولم يستوِ على العرش لاحتياجه إِليه ؛ بل لحكمة
يعلمها ، وهو منزه عن أَن يحتاج إِلى العرش أَو ما دونه ، فشأن الله تبارك
وتعالى أَعظم من ذلك ؛ بل العرش والكرسي محمولان بقدرته وسلطانه .
وأَنَ الله تعالى خلق آدم - عليه السلام- بِيَديه ، وأَن كلتا يديه يمين
ويداه مبسوطتان يُنفق كيف يشاء كما وصف نفسه سبحانه ، فقال : { وَقَالَتِ
الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا
بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ **
وقال : { مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ **
وأَهل السُّنَة والجماعة :يثبتون للّه سمعا ، وبصرا ، وعلما ، وقدرة ،
وقوة ، وعزا ، وكلاما ، وحياة ، وقدما وساقا ، ويدا ، ومعية . . وغيرها من
صفاته - عزَّ وجل- التي وصف بها نفسه في كتابه العزيز ، وعلى لسان نبيه-
صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها ؛ لأنَه
تعالى لم يخبرنا عن الكيفية ، قال تعالى : { إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ
وَأَرَى ** وقال : { وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ** { وَكَلَّمَ اللَّهُ
مُوسَى تَكْلِيمًا ** . { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ
وَالْإِكْرَامِ ** . { رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ** . {
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ** . { فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا
مِنْهُمْ ** . { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى
السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ** . { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
الْحَيُّ الْقَيُّومُ ** . { وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ** . وغيرها من
آيات الصفات .
وأهل السنة والجماعة :
يؤمنون بأَن المؤمنين يَرَونَ ربهم في الآخرة بأَبصارهم ، ويَزُورُونَه ، ويُكلِّمهُم ويكلِّمونه ، قال تعالى :
{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ **{ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ** . وسوف
يرونه كما يرون القمر ليلة البدر لا يُضامون في رؤيته ، كما قال النَّبِي
صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « إِنكُمْ سَتَروْنَ رَبكُم كَمَا تَرَوْنَ
القَمَرَ لَيلهَ البَدرِ ، لا تُضامُونَ في رُؤيتِه » . . " .
وأَن الله تعالى ينزل إِلى السماء الدنيا في الثلث الأَخير من الليل نزولا حقيقيا يليق بجلاله وعظمته .
قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « يَنزلُ ربنا إِلى
السَّماء الدّنيا كل لَيْلَة حِينَ يَبْقى ثُلُثُ الليلِ الآخر ؛ فيقول :
مَنْ يَدْعُوني فأستَجيبَ لهُ؟ مَنْ يَسأَلُني فأعطيه مَنْ يَسْتَغْفرُني
فأغفرَ لهُ؟ » .
ويؤمنون بأَنَّه تعالى يجيء يوم الميعاد للفصل بين العباد ، مجيئا حقيقيا
يليق بجلاله ، قال سبحانه وتعالى : { كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ
دَكًّا دَكًّا **{ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ** . وقوله
: { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ
الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ** . فمنهج أَهل السنَّة
والجماعة في كلِّ ذلك الإِيمان الكامل بما أَخبر به الله تعالى ، وأَخبر
به رسوله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- والتسليم به ؛ كما قال الإِمام
الزُّهري رحمه الله تعالى : (مِنَ اللهِ الرِّسَالةُ وعلى الرسولِ البلاغُ
وعلينا التَسليمُ " .
من كتاب الوجيزفي عقيدة السلف الصالح اهل السنة و الجماعة
تاليف:عبد الله بن عبد الحميد الاثري
مراجعة و تقديم:صالح بن عبد العزيز ال الشيخ
الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية
__________________
الحمد لله على الاسلام والسنة
باللّه تعالى ؛ الإِيمان بوحدانيَّته وألوهيته وأَسمائه وصفاته ، وذلك
بإِقرار أَنواع التوحيد الثلاثة ، واعتقادها ، والعمل بها ، وهي : 1-
توحيد الربوبية . 2- توحيد الألوهية . 3- توحيد الأَسماء والصفات .
1 - توحيد الربوبية :
معناه الاعتقاد الجازم بأَنَ اللّه وَحْدَهُ رَب كلِّ شيء ومليكه ، لا
شريك له ، وهو الخالق وحده وهو مدبر العالم والمتصرف فيه ، وأَنَه خالق
العباد ورازقهم ومحييهم ومميتهم ، والإِيمان بقضاء اللّه وقدره وبوحدانيته
في ذاته ، وخلاصتهُ هو : توحيد اللّه تعالى بأفعاله .وقد قامت الأدلة
الشرعية على وجوب الإِيمان بربوبيته سبحانه وتعالى ، كما في قوله : {
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ** . وقوله : { أَلَا لَهُ
الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ** . وقوله
: { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ** . وقوله
تعالى : { إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ** .
وهذا النوع من التوحيد لم يخالف فيه كفار قريش ، وأكثر أَصحاب الملل
والدِيانات ؛ فكلُهم يعتقدون أَن خالق العالم هو اللّه وحده ، قال اللّه
تبارك وتعالى عنهم :
{ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ
الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ** . وقال : { قُلْ لِمَنِ
الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ **{ سَيَقُولُونَ
لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ **{ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ
السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ **{ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ
أَفَلَا تَتَّقُونَ **{ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ
يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ **{
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ **{ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ
بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ** . وذلك لأَن قلوبَ العباد مفطورةٌ
على الإِقرار بربوبيته- سبحانه وتعالى- ولذا فلا يُصْبِحُ مُعْتقِدُه
مُوَحِّدا ، حتى يلتزم بالنوع الثاني من أَنواع التوحيد ، وهو :
2 - توحيد الألوهية :
هو إِفراد اللّه تعالى بأَفعال العباد ، ويسمى توحيد العبادة ، ومعناه الاعتقاد الجازم بأن اللّه- سبحانه وتعالى- هو :
الإلهُ الحق ولا إِلهَ غيره ، وكل معبود سواه باطل ، وإفراده تعالى
بالعبادة والخضوع والطاعة المطلقة ، وأَن لا يشرك به أَحد كائنا من كان ،
ولا يُصْرَف شيء من العبادة لغيره ؛ كالصلاة ، والصيام ، والزكاة ، والحج
، والدعاء ، والاستعانة ، والنذر ، والذبح ، والتوكُّل ، والخوف والرجاء ،
والحُبّ ، وغيرها من أَنواع العبادة الظاهرة والباطنة ، وأَن يُعْبَدَ
اللّهُ بالحُبِّ والخوفِ والرجاءِ جميعا ، وعبادتُه ببعضها دون بعض ضلال .
قال الله تعالى : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ** . وقال :
{ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ
فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ
**. وتوحيد الألوهية هو ما دعت إِليه جميع الرُسل ، وإنكاره هو الذي أَورد
الأُم السابقة موارد الهلاك .
وهو أَول الدّين وآخره وباطنه وظاهره ، وهو أَول دعوة الرسل وآخرها
ولأَجله أُرسلت الرسل ، وأُنزلت الكُتب ، وسُلَت سيوف الجهاد ، وفرِقَ بين
المؤمنين والكافرين ، وبين أَهل الجنة وأَهل النَّار .وهو معنى قوله تعالى
: { لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ** قال تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ
قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا
أَنَا فَاعْبُدُونِ ** . ومَن كان ربا خالقا ، رازقا ، مالكا ، متصرفا ،
محييا ، مميتا ، موصوفا بكل صفات الكمال ، ومنزها من كلّ نقص ، بيده كل
شيء ، وَجَبَ أَن يكون إِلها واحدا لا شريك له ، ولا تُصْرَف العبادة إِلا
إليه ، قال تعالى :
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ** . وتوحيد
الربوبية من مقتضيات توحيد الأُلوهية ؛ لأنَّ المشركين لم يَعبدوا إِلها
واحدا ، وإنٌما عَبَدُوا آلهة مُتَعَددَة ، وزعموا أَنَّها تقرِّبهم إِلى
اللّه زلفى ، وهم مع ذلك معترفون بأَنها لا تضر ولا تنفع ، لذلك لم يجعلهم
اللّه مؤمنين رغم اعترافهم بتوحيد الربوبية ؛ بل جعلهم في عداد الكافرين
بإشراكهم غيره في العبادة .
ومن هنا يختلف مُعْتَقَدُ السَّلف- أَهل السُنَّة والجماعة- عن غيرهم في
الألوهية ؛ فلا يعنون كما يعني البعض أَنَ معنى التوحيد أَنَّه لا خالق
إِلا اللّه فحسب ؛ بل إِن توحيد الألوهية عندهم لاَ يتحقق إِلا بوجود
أَصلين :
الأَول : أَن تُصرف جميع أَنواع العبادة له- سبحانه- دون ما سواه ، ولا يُعْطى المخلوق شيئا من حقوق الخالق وخصائصه .
فلا يُعبد إِلا اللّه ، ولا يصلى لغير اللّه ، ولا يُسْجَدُ لغير اللّه ،
ولا يُنْذَرُ لغير اللّه ، ولا يُتَوكَّلُ على غير اللّه ، وإن توحيد
الأُلوهية يقتضي إِفراد اللّه وحده بالعبادة .
والعبادة : إِما قول القلب واللسان وإمَّا عمل القلب والجوارح .
قال تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ **{ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ
وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ** . وقال . سبحانه : { أَلَا لِلَّهِ
الدِّينُ الْخَالِصُ **
الثاني : أَنْ تكون العبادة موافقة لما أَمر اللّه تعالى به ، وأَمر رسوله صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم .
فتوحيد اللّه سبحانه بالعبادة والخضوع والطاعة هو تحقيق شهادة أَن : (لاَ إِلَهَ إِلَّا اللّه) .
ومتابعة رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- والإِذعان لما أَمر به ونهى عنه هو تحقيق أَنَّ : ( مُحَمَدا رَسُولُ الله) .
فمنهج أَهل السنة والجماعة :
أَنَهم يَعْبُدُونَ الله تعالى ولا يشركون به شيئا ، فلا يسأَلون إِلِّا
الله ، ولا يستعينون إِلِّا بالله ، ولا يستغيثون إِلا به سبحانه ، ولا
يتوكلون إِلَّا عليه جلَّ وعلا ، ولا يخافون إِلِّا منه ، ويتقربون إِلى
الله تعالى بطاعته ، وعبادته ، وبصالح الأَعمال ، قال تعالى :
{ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ** .
3 - توحيد الأَسماء والصفات :
معناه الاعتقاد الجازم بأَنَّ الله- عزَّ وجلَّ- له الأَسماء الحسنى
والصفات العُلى ، وهو متَّصف بجميع صفات الكمال ، ومنزَّهٌ عن جميع صفات
النقص ، متفرد بذلك عن جميع الكائنات .
وأَهل السُنّة والجماعة : يَعْرِفُونَ ربهم بصفاته الواردة في القرآن
والسنَة ، ويصفون ربَّهم بما وصف به نفسه ، وبما وصفه به رسولهُ - صلى
الله عليه وعلى آله وسلم- ولا يحرِّفون الكَلِمَ عن مواضعه ، ولا يُلحدون
في أَسمائه وآياته ، ويثبتون لله ما أَثبته لنفسه من غير تمثيل ، ولا
تكييف ، ولا تعطيل ، ولا تحريف ، وقاعد تهم في كلِّ ذلك قول الله تبارك
وتعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ** .
وقوله : { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا
الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ ** .
وأَهل السُنَّة والجماعة :
لا يُحدِّدون كيفية صفات الله- جل وعَلاَ- لأنه تبارك وتعالى لم يخبر عن
الكيفية ، ولأَنه لا أَحد أَعلم من الله سبحانه بنفسه ، قال تعالى : {
قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ** . وقال تعالى : { فَلَا
تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا
تَعْلَمُونَ ** . ولا أَحدَ أَعلم بالله بعد الله من رسوله- صلى الله عليه
وعلى آله وسلم- الذي قال الله تبارك وتعالى في حقه : { وَمَا يَنْطِقُ
عَنِ الْهَوَى **{ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ** .
وأَهل السنة والجماعة :
يؤمنون أَن الله- سبحانه وتعالى- هو الأَول ليس قبله شيء ، والآخِرُ الذي
ليس بعده شيء ، والظاهرُ الذي ليس فوقه شيء ، والباطنُ الذي ليس دونه شيء
، كما قال سبحانه :
{ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ **
وكما أَنَّ ذاته- سبحانه وتعالى- لا تشبه الذوات ، فكذلك صفاتهُ لا تشبهُ
الصفات ، لأنَّه سبحانه لا سميَّ له ، ولا كفءَ له ولا نِدَّ له ، ولا
يُقاس بخلقه ؛ فيثبتون لله ما أَثبته لنفسه إثباتا بلا تمثيل وتنزيها بلا
تعطيل ؛ فحين يثبتون لله ما أثبته لنفسه لا يمثلون ، وإذا نزَهوه لا
يُعَطّلون الصفات التي وصف نفسه بها .
وأَنَّه- تعالى- محيطٌ بكلِّ شيء ، وخالق كل شيء ، ورازق كل حي ، قال الله تبارك وتعالى :
{ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ** . وقال : {
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ** . ويؤمنون
بأَن الله تعالى استوى . على العرش فوق سبع سماوات ، بائن من خلقه ، أَحاط
بكل شيء علما ، كما أَخبر عن نفسه في كتابه العزيز في سبع آيات كريمات بلا
تكييف . قال تعالى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ** . " .
وقال : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ** . وقال : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ
فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ **{
أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا
فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ** . وقال : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ
الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ** . وقال
النَبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « أَلاَ تَأمنُوني وأَنا أَمينُ
مَنْ في السَّماءِ؟ »
وأَهل السنة والجماعة : يؤمنون بأَن الكرسي والعرش حق . قال تعالى : {
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ
حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ** والعرش لا يقدر قدره إِلا
الله ، والكرسي في العرش كحلقة ملقاة في فلاة وسع السموات والأَرض ، والله
مستغن عن العرش والكرسي ، ولم يستوِ على العرش لاحتياجه إِليه ؛ بل لحكمة
يعلمها ، وهو منزه عن أَن يحتاج إِلى العرش أَو ما دونه ، فشأن الله تبارك
وتعالى أَعظم من ذلك ؛ بل العرش والكرسي محمولان بقدرته وسلطانه .
وأَنَ الله تعالى خلق آدم - عليه السلام- بِيَديه ، وأَن كلتا يديه يمين
ويداه مبسوطتان يُنفق كيف يشاء كما وصف نفسه سبحانه ، فقال : { وَقَالَتِ
الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا
بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ **
وقال : { مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ **
وأَهل السُّنَة والجماعة :يثبتون للّه سمعا ، وبصرا ، وعلما ، وقدرة ،
وقوة ، وعزا ، وكلاما ، وحياة ، وقدما وساقا ، ويدا ، ومعية . . وغيرها من
صفاته - عزَّ وجل- التي وصف بها نفسه في كتابه العزيز ، وعلى لسان نبيه-
صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها ؛ لأنَه
تعالى لم يخبرنا عن الكيفية ، قال تعالى : { إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ
وَأَرَى ** وقال : { وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ** { وَكَلَّمَ اللَّهُ
مُوسَى تَكْلِيمًا ** . { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ
وَالْإِكْرَامِ ** . { رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ** . {
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ** . { فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا
مِنْهُمْ ** . { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى
السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ** . { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
الْحَيُّ الْقَيُّومُ ** . { وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ** . وغيرها من
آيات الصفات .
وأهل السنة والجماعة :
يؤمنون بأَن المؤمنين يَرَونَ ربهم في الآخرة بأَبصارهم ، ويَزُورُونَه ، ويُكلِّمهُم ويكلِّمونه ، قال تعالى :
{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ **{ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ** . وسوف
يرونه كما يرون القمر ليلة البدر لا يُضامون في رؤيته ، كما قال النَّبِي
صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « إِنكُمْ سَتَروْنَ رَبكُم كَمَا تَرَوْنَ
القَمَرَ لَيلهَ البَدرِ ، لا تُضامُونَ في رُؤيتِه » . . " .
وأَن الله تعالى ينزل إِلى السماء الدنيا في الثلث الأَخير من الليل نزولا حقيقيا يليق بجلاله وعظمته .
قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « يَنزلُ ربنا إِلى
السَّماء الدّنيا كل لَيْلَة حِينَ يَبْقى ثُلُثُ الليلِ الآخر ؛ فيقول :
مَنْ يَدْعُوني فأستَجيبَ لهُ؟ مَنْ يَسأَلُني فأعطيه مَنْ يَسْتَغْفرُني
فأغفرَ لهُ؟ » .
ويؤمنون بأَنَّه تعالى يجيء يوم الميعاد للفصل بين العباد ، مجيئا حقيقيا
يليق بجلاله ، قال سبحانه وتعالى : { كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ
دَكًّا دَكًّا **{ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ** . وقوله
: { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ
الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ** . فمنهج أَهل السنَّة
والجماعة في كلِّ ذلك الإِيمان الكامل بما أَخبر به الله تعالى ، وأَخبر
به رسوله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- والتسليم به ؛ كما قال الإِمام
الزُّهري رحمه الله تعالى : (مِنَ اللهِ الرِّسَالةُ وعلى الرسولِ البلاغُ
وعلينا التَسليمُ " .
من كتاب الوجيزفي عقيدة السلف الصالح اهل السنة و الجماعة
تاليف:عبد الله بن عبد الحميد الاثري
مراجعة و تقديم:صالح بن عبد العزيز ال الشيخ
الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية
__________________
الحمد لله على الاسلام والسنة
أيوب- Admin
- عدد المساهمات : 931
تاريخ التسجيل : 26/10/2009
العمر : 23
رد: من الايمان بالله تعالى الاقرار بانواع التوحيد الثلاثة
مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
achraf- المدير العام للمنتدى
- عدد المساهمات : 659
تاريخ التسجيل : 27/10/2009
العمر : 30
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى